مبحث في الإعراب
الإعراب هو تغيير أحوال أواخر الكلم لإختلاف العوامل الدالة عليها لفظا أو تقديرا. وأنواع الإعراب أربعة- رفع - ونصب - وجر - وجزم. فالرفع والنصب يشتركان بين الاسم والفعل - والجر أو الخفض يختص بالاسم - والجزم يختص بالفعل ،قصدا للتعادل ، فإن الجر ثقيل يجبر خفة الاسم ، والجزم خفيف يجبر ثقل الفعل. فلا اسم مجزوم ولا فعل مجرور. والاعراب يشترك بين الأفعال والأسماء فقط دون الحروف فلا يقع فيها إعراب قطعا ومثلها أشماء الأفعال والأصوات ، وكذا الفعل الماضي اذا لم يقع معمولا لأداة تؤثر فيه.
والإعراب في اللغة هو الإظهار والابانة -تقول : أعربت عمـّا في نفسي - إذا أبنته وأظهرته ،
المقصود من تغيير أحوال الأواخر تحولها من الرفع إلى النصب أو الجر . حقيقة أو حكما. ويكون هذا التحول بسبب تغيير العوامل : من عامل يقتضي الرفع على الفاعلية أو نحوها - إلى آخر يقتضي النصب على المفعولية أو نحوها ، إلى آخر يقتضي الج - وهلم جرا. واعلم أن هذا التغيير ينقسم إلى لفظي - وتقديري - ومحلي . فالاعراب اللفظي هو ما لا يمنع من النطق به مانع نحو : وجاء سليمُ ، وقابلتُ ليما ، وأخذت من سليـٍم . والاعراب التقديري هو ما يمنع من التلفظ به مانع من تعذر - أو استثقال أو مناسبة . نحو : يدعو الفتى والقاضي وغلامي- فكلها مرفوعة بضمة مقدرة تظهر على أواخر هذه الكلمات لتعذرها في 'الفتى' وثقلها في 'يدعو' وفي 'القاضي ' ولأجل مناسبة ياء المتكلم في 'غلامي' -. والاعراب المحلي هو ما يقع في المبنيات الطارىء عليها البناء نحو : جاء هذا ، فام الاشارة مبني على السكون في محل رفع لأنه فاعل -وسيأتي توضيح ذلك في الدروس الأخرى على هذا الموقع .
علامات الاعراب
للرفع أربع علامات 'ألضمة' وهي الأصل والواو : والألف : والنون - وهي نائبة عنها
فأما الضمة فتكون علامة للرفع 'أصالة' في أربع مواضع في الاسم المفرد والاسم المفرد في هذا الباب معناه ما ليس مثنى ومجموعا ولا ملحقا بهما ولا من الأسماء الستة - واء كان كل من الاسم المفرد وجمع التكسير منصرفا أو غير منصرف . وجمع التكسير وهو ما دل على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تغيير في صيغة مفرده - وأنواع التغيير الموجودة في جموع التكسير ستة
الأول - تغيير بالشكل فقط نحو : أسد - أ ُسُد
الثاني - تغيير بالنق فقط نحو : شجرة - شجر
الثالث - تغيير بالزيادة فقط نحو : صِنْو - صنوان
الرابع - تغيير في الشكل مع النقص نحو : كتاب - كتب
الخامس - تغيير في الشكل مع الزيادة نحو : بطل - أبطال
السادس - تغيير في الشكل مع الزيادة والنق جميعا نحو : أمير - أمراء
وجمع التكسير نوعان : جمع قلة ، ومدلوله من ثلاثة إلى عشرة . وجمع كثرة ، ومدلوله من أحد عشر إلى مالا نهاية . وهذا إذا سمع الجمعان للفرد - وإن لم يسمع إلا أحدهما فقط فيستعمل للقلة والكثرة - والتمييز يكون بالقرائن وأوزان القلة أربعة : أفعُل كأنفس ، وأفعال كأسباب ، وأفعِلة كأعمدة ،و فِعلة كصبية - وما عدا ذل تكون جموع كثرة.
وجمع المؤنث السالم والملحق به ، والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره بشيء، نحو يسود المجتهد والأدباء والعاقلات وأولات الفضل
وأما الواو : فتكون علامة للرفع بيابة عن الضمة في موضعين في جمع المذكر السالم والملحق به . وفي الأسماء الستة نحو: فرح العاقلون والأهلون وأبوك
وأما الألف فتكون علاة للرفع بيابة عن الضمة في المثنى والملحق به ، نحو ك اصطلح الخصمان كلاهما
وأما الون فتكون علامة للرفع يابة عن الضمة في الفعل المضارع المتصل به ضمير تثنية او جمع أو ياء المؤنثة المخاطبة نحو : يكتبان ويكتبون وتكتبين.
وللنصب خمس علامات الفتحة و هي الأصل و الألف. و الكسرة . و الياء، و حذف النون. و هي نائبة عنها فأما الفتحة-فتكون علامة للنصب أصالة في ثلاثة مواضع في الإسم المفرد. و جمع التكسير: و الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب و لم يتصل آخره بشيء نحو : أرغب أن تتم عملك و تحفظ دروسك.
و أما الألف-فتكون علامة للنصب نيابة عن الفتحة في جمع المؤنث السالم و الملحق به نحو : خلق الله السموات.
و أما الياء فتكون علاة للنصب نيابة عن الفتحة في موضعين في المثنى و الملحق به و في جمع المذكر السالم و الملحق به نحو: صن يديك عن الأذى و اصحب الصالحين. و للخفض ثلاث علامات الكسرة و هي الأصل و الفتحة - و الياء و هما نائبتان عن الكسرة.
فأما الكسرة فتكون علامة للخفض أصالة في ثلاثة مواضع في الإسم المفرد المنصرف و جمع التكسير المنصرف و جمع المؤنث السالم و الملحق به نحو : من حميد الخصال الصدق في العاملات.
و أما الياء فتكون علامة للخفض نيابة عن الكسرة في ثلاثة مواضع في الاسماء الستة و في المثنى و الملحق به و في جمع المذكر السالم و الملحق به نحو : خير البر ما كان للوالدين و الأقربين و ذي الحاجة.
و أما الفتحة فتكون علامة للخفض نيابة عن الكسرة في الإسم الممنوع من الصرف مفردا أو جمع تكسير نحو : أوحينا إلى إبراهيم و إسماعيل و نحو : يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل.
و للجزم علامتان السون و هو الأصل و الحذف و هو نائب عن السكون.
فأما السكون فيكون علامة للجزم أصالة في الفعل المضارع الصحيح الآخر الذي لم يتصل آخره بشيء نحو : لم يلد و لم يولد. و أما الحذف فيكون علامة للجزم نيابة عن السكون في الفعل المضارع المعتل الآخر و في الأفعال الخمسة التي تجزم بحذف النون نيابة عن السكون نحو : لا تعص مرشدك و نحو لا تضيعوا وقتكم سدى.
تنبيهان
الأول - علم مما تقدم، أن علامات الإعراب أربع عشرة علامة أربعة أصول و هي الالضمة للرفع و الفتحة للنصب و الكسرة للجر و الجزم للسكون.
و عشر فروع نائبة عن هذه الأصول ثلاث منها تنوب عن الضمة و أربع منها تنوب عن الفتحة و إثنان تنوب عن الكسرة وواحدة منها تنوب عن السكون.
الثاني - علم أيضا مما تقدم، أن النيابة عن تلك الأصول واقعة في سبعة مواضع، الأول ما لا ينصرف فإنه يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة إلا إذا أضيف أو كان مقرونا بال فيجر بالكسرة الثاني جمع المؤنث السالم و الملحق فإنه ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة الثالث الفعل المضارع المعتل الآخر فإنه يجزم بحذف آخره نيابة عن السكون. الرابع المثنى و الملحق به - فإنه يرفع بالألف نيابة عن الضمة. و ينصب و يجر نيابة عن الفتحة و الكسرة.
الخامس جمع مذكر السالم و الملحق به فإنه يرفع بالواو نيابة عن الضمة و ينصب و يجر بالياء نيابة عن الفتحة و الكسرة. السادس - الأسماء الستة - فإنها ترفع بالواو نيابة عن الضمة. و تنصب بالألف نيابة عن الفتحة - و تجر بالياء نيابة عن الكسرة. السابع - الأفعال الخمسة فإنها ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة و تصب و تجزم بحذفها و قد تقدم أمثله ذلك.
كيف تُعرب ؟
ا ـ تنظر في الكلام الذي تقرأه أو يلقى إليك نظرة تفصيلية تُلم فيها المعنى المراد، فإنهم قالوا: الإعراب فرع المعنى إذا اعترضتك كلمة لم تفهم معناها فاسأل عنها جاراتها. فإن لم تجبك فاستنبط معناها من فحوى الكلام وما يناسب المقام.ب ـ تعنى جد العناية بمعرفة الأخبار والأجوبة، فإذا رأيت ما يحتاج إلى خبر كالمبتدأ وإن وأخواتها وكان وأخواتها فاعرف أين خبره وإذا رأيت ما يحتاج إلى جواب لشرط والقسم فاعرف أين جوابه، وعلامة كليهما أن يتم المعنى به.ج ـ لا تنتقل من إعراب كلمة إلى إعراب أخرى حتى تعرف ما تحتاج إليه الأولى وأين موضعَه.
وبعد فلست في كل الأوقات يمكنك أن ترجع إلى كتب النحو واللغة فاستنبط بذوقك ما يكون أليق المقام وأقرب من الصواب وقس ما لا تعرف على ما تعرف عاملاً، بقول الشاعر:
من قاس ما لم يره بما رأى ****** أراه ما يدنو إليه ما نأى
وبالإجمال فإنه إن صح الإعراب و إلا فلا